تأتي زيارة إسماعيل ولد الشيخ، وزير الخارجية الموريتاني، الاثنين، للرباط حاملا رسالة من الرئيس محمد ولد الغزواني إلى الملك محمد السادس في ظل ظرفية خاصة تتسم بتوتر العلاقات مع الجارة الشمالية للمملكة إسبانيا، وتأجيل هذه الزيارة في وقت سابق.

وفي هذا الإطار، قال أحمد نور الدين، الخبير في العلاقات الدولية، إنه “لولا الظرفية الخاصة التي يعيشها المغرب على خلفية الأزمة مع إسبانيا وأيضا تأجيل هذه الزيارة للمغرب في الفترة الماضية لكانت الزيارة تتسم بكونها أكثر من عادية بين بلدين جارين تجمعهما مصالح مشتركة ومعاهدات تجارية وتداخل في العلاقات العائلية والقبلية بعمق تاريخي لا يخفى عن أي متابع”.

وأضاف نور الدين، ضمن تصريح لهسبريس، أن “الوقت حان الآن لنطالب موريتانيا بالوضوح في قضية الوحدة الوطنية؛ فإما أنها مع المغرب، وسيترتب عن ذلك تعميق الشراكة الإستراتيجية والتاريخية والعائلية والقبلية والاجتماعية؛ وإما أنها ستختار دعم المشروع الانفصالي، وفي هذه الحال عليها أن تتحمل مسؤوليتها وما ستؤول إليه الأوضاع”.

وأوضح الخبير المختص في قضية الصحراء المغربية أنه “لم يعد مقبولا أن تبقى موريتانيا في المنطقة الضبابية؛ وهو ما يستشف من خلال تصريحات وزير الخارجية الأخيرة”.

وذكر المتحدث ذاته بظرفية تأجيل الزيارة السابقة لوزير الخارجية الموريتاني للمملكة، قائلا: “لقد تزامنت مع الحديث عن وساطة موريتانية بين المغرب والجبهة الانفصالية بتنسيق مع النظام الجزائري، الذي يعيش عزلة دولية؛ وهو ما قد يشكل تنفيسا لهذا النظام، خاصة بعد النجاحات التي حققها الملف في قضية الصحراء”.

وتابع قائلا: “أمام هذا الوضع، تلجأ الجزائر دائما إلى المناورة والكولسة، وبالتالي المغرب لا يرفض الوساطة الموريتانية في الاتجاه الصحيح؛ ألا وهو عقلنة ما تبقى من فلول الجبهة الانفصالية بالعودة إلى وطنهم، ويرفض الوساطة التي تكون بنفس جزائري والتي تجعل موريتانيا مجرد أداة في الإستراتيجية والتكتيكات الجزائرية التي تريد إطالة أمد هذا الصراع”.

واعتبر نور الدين أن “الجزائر تدفع بموريتانيا في اتجاه المعسكر المعادي للمغرب وحشرها في وساطة قد يرفضها المغرب، وهو ما قد يجعل موريتانيا أقرب إلى الجزائر التي قد تظهر لها أنها ترفع من شأنها بتكليفها بمهام وساطة”.

وأردف الخبير في العلاقات الدولية: “الجزائر تحاول جر موريتانيا إلى صفها، في محاولة منها لعزل المغرب على مستوى حدوده الجنوبية؛ وهو ما يظهر من خلال كثافة الزيارات ما بين البلدين والرسائل المتبادلة بين الرئيسين والدعم الذي تحاول أن تقنع به الجزائر موريتانيا في حين هي أحق به”.

وأكد المتحدث ذاته أن “المغرب يرفض أن تقع موريتانيا كأداة توظفها الجزائر في إستراتيجيتها السوداء لهدم وحدة سلام البلاد”، مشددا على أن “موريتانيا هي أكثر من يجب أن ينأى بنفسه عن النظام الجزائري، لكونها عانت الويلات سنوات السبعينيات أثناء الحرب التي شنتها الجزائر بواسطة الجبهة الانفصالية ووصلت إلى مشارف نواكشوط وسقوط أزيد من ألفي مواطن موريتاني”.

وفي هذا الصدد، شدد أحمد نور الدين على أنها “هي دماء يجب ألا تنساها موريتانيا في تعاملها مع الجزائر؛ في حين أن المغرب ساند موريتانيا في جميع المحطات، وكان هناك اتفاق للدفاع المشترك لحمايته. كما أنه أكبر شريك لموريتانيا في المنطقة، ويزود أسواقها تقريبا بكل المكونات التي تتطلبها”.

hespress.com