“لم يبق هناك وبصفة قطعية مجال لمنع أي اسم من الأسماء الشخصية ذات المرجعية الأمازيغية”؛ بهذه الكلمات الحاسمة أجاب وزير الداخلية، عبد الوافي لفتيت، قبل أسابيع قليلة فقط، عن سؤال في البرلمان بخصوص استمرار امتناع ضباط الحالة المدنية عن تسجيل مواليد بأسماء أمازيغية.

ورغم أنّ وزير الداخلية تحدث بشكل قطعي وحاسم، ورغم، كذلك، إصدار الوزارة مذكرة أُلغيت بمقتضاها مقتضيات المذكرة التي كان معمولا بها في السابق، والتي وضعت عددا من الأسماء الأمازيغية على لائحة الأسماء المشمولة بالمنع، فإنّ كلام الوزير والمقتضيات المضمّنة في مذكرة الوزارة لا تجد طريقها إلى التنفيذ في عدد من مكاتب الحالة المدنية.

آخر قرارات منع تسجيل مواليد بأسماء أمازيغية طال رضيعة كان أبواها يعتزمان تسجيلها في مصلحة الحالة المدنية باسم “سيليا” في مقاطعة مريم بمدينة القنيطرة، بداية الأسبوع الجاري، غير أن ضابط الحالة المدنية رفض تسجيلها بالاسم المذكور، وردّ على والدها بأن الاسم الذي اختاره عجمي، ولا يوجد في قوائم الأسماء المسموح بتسجيلها.

ولجأ أب الطفلة “سيليا”، محمد أبُلّله، بعد ذلك إلى التواصل مع نشطاء أمازيغ لدعمه، حيث مكّنوه من عدد من عقود الازدياد التي تؤكد تسجيل مواليد إناث باسم “سيليا” خلال السنوات الأخيرة، غير أن الرضيعة إلى حد الآن لم يتأكد تسجيلها في دفتر الحالة المدنية، إذ طُلبت من أبيها مراجعة المكتب المكلف يوم غد الخميس.

وتعليقا على واقعة المنع، قال الناشط الأمازيغي عادل أداسكو، الذي دعم أب الطفلة “سيليا”، إن هذه الوقائع مازالت تتكرر رغم أن وزارة الداخلية حسمت رأيها في الموضوع، ورغم تأكيد وزير الداخلية في البرلمان أنّ الأسماء الأمازيغية غير ممنوعة من التسجيل في الحالة المدنية.

ولا يوجد في القانون المتعلق بالحالة المدنية الصادر سنة 2002 ما يفيد بمنع تسجيل الأسماء الأمازيغية، ذلك أن الشروط التي وضعها هي أن “يكتسي الاسم الشخصي الذي اختاره من يقدم التصريح بالولادة قصد التقييد في سجلات الحالة المدنية طابعا مغربيا وألا يكون اسما عائليا أو اسما مركبا من أكثر من اسمين أو اسم مدينة أو قرية أو قبيلة، وألا يكون من شأنه أن يمس بالأخلاق أو النظام العام”.

ما جاء في القانون المتعلق بالحالة المدنية عززته مذكرة أصدرتها وزارة الداخلية سنة 2010، أكدت فيها أنه لا يوجد أي اعتراض على الأسماء الأمازيغية، وأنها تسجَّل في دفاتر الحالة المدنية كغيرها من الأسماء. وجاء تصريح وزير الداخلية في البرلمان قبل أسابيع ليحسم هذا الأمر.

واعتبر عادل أداسكو، في تصريح لهسبريس، أن الإشكال الآن لم يعد موجودا في النصوص القانونية المتعلقة بتسجيل المواليد في سجلات الحالة المدنية بأسماء أمازيغية، بل يكمن في عدم التزام بعض ضباط الحالة المدنية بتفعيل هذه النصوص، مشيرا إلى أن بعضهم مازالوا يعملون بالمذكرة الصادرة في عهد وزير الداخلية الأسبق إدريس البصري، التي كان يُمنع بموجبها تسجيل المواليد بأسماء أمازيغية.

وإذا كان أب الطفلة “سيليا” التي رُفض تسجيلها في مكتب للحالة المدنية بمدينة القنيطرة وجد من يؤازره فإن الآباء في مناطق أخرى يضطرون إلى التخلي عن تسمية مواليدهم بأسماء أمازيغية، لعدم معرفتهم بما ينص عليه القانون المتعلق بالحالة المدنية، اعتقادا منهم أنّ الأسماء التي يقترحونها فعلا ممنوعة.

ونبّه الناشط الأمازيغي نفسه إلى سبب آخر يعيق تفعيل مذكرة وزارة الداخلية، وهو أنّ بعض موظفي الحالة المدنية لديهم خلفيات إيديولوجية “معادية للثقافة الأمازيغية”، مضيفا أن هؤلاء “يضغطون على الآباء من أجل إضعاف إرادتهم في تسجيل مواليدهم بأسماء أمازيغية”.

hespress.com