أولى التقرير العام للنموذج التنموي الجديد، الذي أعدته لجنة ملكية برئاسة شكيب بنموسى، أهمية كبرى للشباب، إذ أوصى بتشجيع إدماجهم وتنمية شخصيتهم عبر الرفع من فرص وسبل المشاركة المتاحة لهم، واقترح من أجل ذلك ثلاث رافعات أساسية.
وحسب التقرير فإن تنمية المغرب ترتكز على شباب متحرر ومزدهر وكفء يتحلى بروح المواطنة والمبادرة وينمي ذاته ويحقق طاقاته ويساهم في تنمية البلاد، وزاد أن من بين أهم الرهانات التي يواجهها البلد جعل الشباب يتكسبون الكفاءات التي هم في حاجة إليها ومنحهم فرص تحسين آفاقهم المستقبلية.
ويمثل الشباب المغربي ما بين 15 و34 سنة حوالي 33 في المائة من الساكنة، أكثر من 4.5 ملايين منهم غير نشيطين، لا هم في المدرسة ولا في التكوين ولا في العمل (Not in Education, Employment, or Training). كما يمثل الشباب الفئة الأكثر عرضة لتبعات أزمة كوفيد-19، لاسيما من حيث صعوبة الولوج إلى سوق الشغل.
وللنهوض بوضعية الشباب، اقترحت اللجنة الخاصة بالنموذج التنموي، ضمن الرافعة الأولى، إرساء خدمة مدنية وطنية تطوعية مؤدى عنها بمقابل رمزي لأداء مهام ذات مصلحة عامة، خصوصاً لدى فاعلين من المجتمع المدني، مثل جمعيات التضامن الاجتماعي وبرامج التنمية الجماعاتية وبرامج بيئية كإعادة التشجير.
وتقول اللجنة إن من شأن هذه الخدمة المدنية الوطنية المقترحة أن تقوي المشاركة المواطنة والحس المدني للشباب، مع تعزيز مهاراتهم وإمكانية تشغليهم، على أن يتم دمجها في مسار التكوين مع الحرص على فتحها في وجه جميع الشباب المغاربة ابتداءً من سن معينة وتفعيلها على المستوى الوطني.
واقترحت اللجنة أن تستغرق الخدمة المدنية مدة محددة حسب حاجيات مؤسسات الاستقبال، وتتراوح ما بين بضعة أشهر وسنتين، على أن تعتمد على التكوين في المهارات الشخصية ضمن أنشطتها لتصبح تجربة تحظى بالتثمين من طرف المشغلين المستقبلين وضمانة للمسؤولية والكفاءة.
ويرى خبراء اللجنة أن الشباب في وضعية “لا في المدرسة ولا في التكوين ولا في الشغل” من الفئات المستهدفة من هذه الخدمة، التي قد تساعدهم على تنمية كفاءاتهم واكتساب خبرة أولية تعزز قابليتهم للتشغيل، وتقلص عدم نشاطهم لمدة طويلة وتسهل إدماجهم بكل ثقة في مسارات التكوين وسوق الشغل.
واعتبر التقرير العام للنموذج التنموي الجديد، الذي جرى تقديمه للملك محمد السادس بداية الأسبوع الجاري، أن من شأن الخدمة المدنية المقترحة أن تكون فرصة لتعزيز قيم المواطنة لدى الشباب وتغذي انتماءهم إلى الوطن وتعزز قدرتهم في الإسهام في تنمية البلاد.
وبالإضافة إلى الخدمة المدنية، اقترحت اللجنة رافعة أخرى أساسية للنهوض بوضعية الشباب، من خلال تقوية نظام الإدماج المهني عبر مقاربات جديدة للتوجيه والمواكبة وعلاقات أقوى مع عالم الشغل. ويمكن تحقيق ذلك بتجديد نظام التوجيه الأكاديمي في المؤسسات التعليمية والإدماج المهني للوكالة الوطنية لإنعاش التشغيل والكفاءات.
ووردت ضمن مقترحات اللجنة أيضاً رافعة ثالثة تتمثل في وضع برنامج وطني مندمج للشباب يتم تدبيره على المستوى الترابي من طرف هيئات مهنية عبر عقود ترتكز على حسن الأداء. ويجب أن يغطي هذا البرنامج مجموع المطالب التي عبر عنها الشباب من ثقافة وفنون ورياضة وترفيه وإدماج سوسيو-اقتصادي ومشاركة مواطنة ومساندة اجتماعية.