في وقت أكد سعد الدين العثماني أن حكومته أوفت بكل التزاماتها الاجتماعية في إطار الاتفاق الثلاثي الموقع مع المركزيات النقابية الأكثر تمثيلية والاتحاد العام لمقاولات المغرب، انتقد تقرير رسمي مقاربة الحكومات للحوار الاجتماعي وغياب الثقة بين الأطراف المعنية.

وأصدر المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، في إطار إحالة ذاتية، رأياً حول الموضوع حمل عنوان: “نحو جيل جديد من الحوار الاجتماعي بالمغرب: أرضية للنقاش”.

ويرى التقرير الصادر عن المؤسسة الدستورية أن المؤشرات الاجتماعية والاقتصادية تبقى “غير مرضية”، مشيرا إلى أنه “رغم المجهودات التي قام بها المغرب في السنوات الأخيرة لتحقيق قفزة نوعية في مجال التنمية فإن المؤشرات الاجتماعية والاقتصادية تشهد على استمرار العجز الاقتصادي والاجتماعي حسب مؤشرات سنة 2019”.

وأبرز التقرير أن العديد من الفاعلين أجمعوا، في إطار جلسات الإنصات، حول موضوع هذا الرأي، على أن “فقدان الثقة بين الأطراف يعتبر من أهم أسباب تعثر الحوار الاجتماعي”، مضيفا: “ولا شك أن إشكالية الثقة تتجاوز حدود عالم الشغل، إذ إنها قضية مجتمعية تحتاج إلى تحليل أسبابها بشكل أوسع، وتضافر جهود كافة مؤسسات التنشئة الاجتماعية، ومساهمة مختلف الفعاليات والقوى الحية لإعادة بنائها وترسيخها في منظومة قيم المجتمع”.

وانتقد المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي تركيز الحوار الاجتماعي في المغرب على موضوع الزيادة في الأجور، داعياً إلى العمل على توسيع مواضيع الحوار الاجتماعي بأن يتناول الحوار، فضلا عن المواضيع التقليدية المرتبطة بالشغل، قضايا وتحديات أخرى، مثل التكوين ومحاربة البطالة وتشجيع مشاركة المرأة في مجال العمل، وتكريس المساواة بين الجنسين في العمل، وتنافسية المقاولات، ومردودية المرفق العام، واستقطاب الاستثمار، وآثار التكنولوجيا الرقمية، وقضايا البيئة، ومستقبل الشغل.

وأوصى التقرير بدمج مضامين حول الحوار الاجتماعي ضمن مواد تكوين طلبة شعب القانون والاقتصاد وتدبير المقاولات وتدبير الموارد البشرية في الجامعات ومعاهد التكوين العالي والتكوين المهني؛ كما أوصى بإدراج مواضيع في مقررات التربية الوطنية ترسخ قيم الحوار في الناشئة، وتعرفها على دور المقاولة والنقابة والحوار الاجتماعي، مشددا على ضرورة التعاون مع وسائل الإعلام في تأمين تغطية إعلامية وإخبارية منتظمة لكافة الأنشطة والمنتديات والمنجزات المتعلقة بالحوار الاجتماعي.

ونادت الوثيقة ذاتها بإقرار حوار اجتماعي قطاعي، سواء في القطاعات العمومية أو الخصوصية، كما انتقدت غياب حوار اجتماعي محلي وجهوي، معتبرة ذلك لا يساير خيار الجهوية المتقدمة الذي اختاره المغرب، ومضيفة أنه رغم أن “القوانين التنظيمية الجديدة الخاصة بالجهات والعمالات والجماعات نصت على تأسيس نوع من الحوار الموسع، من خلال تشكيل هيئات استشارية بمشاركة المجتمع المدني والفاعلين الاقتصاديين للنظر في قضايا التنمية الجهوية والمحلية، إلا أن تلك الآليات لم يتم تفعليها بعد على كافة المستويات الترابية وبكيفية مؤثرة في مسلسل اتخاذ القرار”.

وعلى مستوى التمثيلية في الحوار الثلاثي، لفت المصدر ذاته الانتباه إلى أن النسيج الاقتصادي الوطني يشمل فئات واسعة من المشتغلين مستبعدة من الحوار الاجتماعي، وليس لها تمثيل في الحوار الاجتماعي الوطني ثلاثي الأطراف، كالقطاع الفلاحي والمقاولات الصغيرة جدا وقطاع الحرفيين والمهنيين والقطاع غير المنظم.

ودعا المجلس إلى إعادة النظر في مسألة تمثيلية النقابات في الحوار الاجتماعي، موضحا أن مشاركة النقابات الأكثر تمثيلية في هذا الحوار تبقى مطبوعة بنسبة متدنية من الانتماء النقابي لا تتعدى 4 في المائة، حسب أرقام المندوبية السامية للتخطيط سنة 2018، مقابل تنامي أعداد غير المنتمين وظهور ما تسمى “التنسيقيات”.

hespress.com