“فيضانات” راح ضحيتها عشرات المغاربة وفقدت أسر بسببها ممتلكاتها المادية، فتحت بشأنها السلطات العمومية المعنية تحقيقات طارئة ترمي إلى محاسبة المسؤولين عن “هشاشة” البنيات التحتية، غير أن “الجمود” يطبع مخرجاتها التي لا يتم الكشف عنها للرأي العام.
وباتت العديد من الفعاليات المدنية تتساءل عن مصير هذه التحقيقات التي همت “المدن الغارقة”، خاصة فيضانات مدينة الدار البيضاء التي لم يفعّل المشرفون على تدبيرها أي تحقيق ميداني، وأطوار المتابعة القانونية المتواصلة داخل ردهات محكمة طنجة في ما يتعلق بفاجعة “المعمل السري”.
وقد شهدت العاصمة الاقتصادية للمملكة زخات مطرية استثنائية أفضت إلى انهيار الكثير من المنازل التي كانت آيلة للسقوط، بالموازاة مع تضرر البنيات التحتية العمومية، بينما مات نحو 28 شخصا داخل وحدة للنسيج غير قانونية بـ”عروس الشمال”.
وفي هذا الصدد، قال محمد الغلوسي، رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام، إن “مشكلة التحقيقات بالمغرب أنه لا يتم الإعلان عن تطوراتها بشكل دوري حتى يكون الرأي العام الوطني مواكباً لنتائجها النهائية التي تظل مجهولة، لأن هدفها الأساسي يتمثل في إطفاء غضب المجتمع منذ البداية”.
وأضاف الغلوسي، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “نتائج التحقيقات المتعلقة بالمدن الغارقة ما زالت مبهمة، حيث لم نسمع بعد عن محاسبة أي جهة كيفما كان نوعها، سواء كانت مسؤولة عن الحوادث بشكل مباشر أو غير مباشر”.
وأوضح المتحدث أن “استمرار الإفلات من العقاب وعدم ربط المسؤولية بالمحاسبة قد تسبّبا في الجمود الذي تعرفه هذه الملفات، ما يستدعي ضرورة القطع مع تلك الممارسات التي أضحت مألوفة ولا تشكل مؤشرا على أن المغرب في طريقه نحو التحول الديمقراطي”.
من جانبه، أفاد بوعزة الخراطي، رئيس الجامعة المغربية لحماية المستهلك، بأن “نتائج التحقيقات المتعلقة بفيضانات طنجة والدار البيضاء ما زالت حبيسة الرفوف من الناحية الإدارية”، داعيا إلى “الكشف عن حيثياتها لأن الأمر يتعلق بأضرار بشرية ومادية لحقت بالمجتمع”.
وأضاف الخراطي، في تصريح لهسبريس، أن “لجان التحقيق أصبحت مجرد وسيلة لتضليل الرأي العام بالمغرب في ظل غياب المواكبة، باستثناء ما تقوم به الصحافة الوطنية”، وطالب بـ “تفعيل مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة في ما يتعلق بهذا الملف، عوض الاكتفاء بتهدئة الأوضاع، لأن من شأن ذلك تعزيز الثقة في المؤسسات الحكومية”.