من سواحل الحسيمة، كانت تظهر طائرات عسكرية تابعة للجيش الإسباني وهي تحلق فوق جزيرة النكور المحتلة، على بعد حوالي 300 متر فقط من الشواطئ المغربية، في مناورات وتدريبات تقوم بها القوات المسلحة الإسبانية في إطار “الإنزال الإسباني في شمال إفريقيا”، غير أن توقيتها كان لافتا بحكم التوتر القائم مع المغرب.

وبثت البحرية الإسبانية على حسابها على “تويتر” مقطع فيديو يظهر عملية إمداد رأسية بين السفينة المساعدة “مار كاريبي” (مينائها الرئيسي هو قاعدة قادس) والحامية الصغيرة المتمركزة في الجزيرة، باستخدام مروحية من طراز “شينوك”، لحصن جزيرة النكور المحتلة الواقعة وسط خليج الحسيمة.

ويدرس المغرب طرق الرد المناسبة على الأحداث الأخيرة، بدءا بتصريحات مناوئة من بعض المسؤولين الإسبان وقرار ترحيل زعيم البوليساريو إلى خارج إسبانيا وتحرك الجيش على مستوى بعض الجزر المحتلة، في خطوة غير مسبوقة وفي توقيت قد يعطي للأمر تفسيرات لا تخدم سياقات الهدنة.

وفي نظر الخبير الأمني والعسكري محمد الطيار، فإن “المناورات العسكرية الإسبانية قرب المياه الإقليمية المغربية والجزر المستعمرة، جاءت قبل يوم تمثيلية استماع القاضي الإسباني إلى إبراهيم غالي، وهي رسالة إلى المغرب من صنف استعراض القوة، وفي الوقت نفسه تظهر أن إسبانيا تطرح علاقتها بالبوليساريو في أول اختياراتها الاستراتيجية وتراهن عليها بشكل كبير”.

وقال المتخصص في الشأن الاستراتيجي الأمني والعسكري، في تصريح لهسبريس، إنّ “إسبانيا تظهر أنها مستعدة للتخلي عن التعاون مع المغرب في المجالات الأمنية وفي ملف الهجرة غير النظامية والمجالات الاقتصادية، في مقابل التمسك بالمشروع الانفصالي”.

وشدد الطيار على أن “التطورات الحاصلة في قضية إبراهيم غالي، كشفت بشكل ملحوظ أن إسبانيا سطرت لها أهدافا استراتيجية لا تختلف عن أهداف النظام العسكري الجزائري”.

وأورد في هذا الصدد أنه “إذا كان النظام العسكري قدم أرضه ومقراته الدبلوماسية في مختلف الدول لخدمة المشروع الانفصالي، فضلا عن توفير العتاد العسكري واللوجستيكي وآلته الإعلامية، فإن إسبانيا كذلك وظفت مجتمعها المدني ليقوم بالمهمة نفسها، حيث تقدم الدعم المادي، وترسل قوافل الدعم بشكل منتظم طيلة العقود السابقة وبدون توقف، وتقدم جوازات السفر لنشطاء البوليساريو لتسهيل حركتهم في أوروبا، وتنظم مهرجانات الدعم والمساندة في مختلف مناطقها”.

واعتبر الطيار أن “مدريد فتحت الباب واسعا لحصول الصحراويين المغاربة وأعقابهم على الجنسية الإسبانية، مما يجعلها تحتفظ بورقة ضغط كبيرة على المغرب، وذلك يبين أنها شأنها كشأن الجزائر مازالت تمني النفس بتنظيم استفتاء بالصحراء المغربية “.

وخلص المتحدث إلى أن “قضية ابراهيم غالي نزعت بشكل ملحوظ القناع عن الوجه الحقيقي لإسبانيا، وظهر جليا وجهها الاستعماري الذي يقوم على توظيف خطاب مزدوج مع المغرب وفي الوقت نفسه ينسق مع النظام العسكري الجزائري من أجل إضعاف المغرب وعرقلة مساعيه ووضع شتى العراقيل أمام مسيرته من أجل استرجاع مكانته التي يستحق بين الأمم كقوة إقليمية تعمل من أجل إقرار السلم والأمن”.

hespress.com