أفرز النقاش العمومي حول تقنين “الكيف”، الذي انتقل من قبة البرلمان إلى فضاءات التواصل الاجتماعي، خطابات عنصرية وقبلية “ضيقة” تحولت في بعض الأحيان إلى معارك يتداخل فيها ما هو إثني قبلي بما هو تاريخي نفسي، بينما يظل الفلاح المغربي الحلقة الأضعف والغائبة في النقاش الدائر حاليا، تزامنا مع المصادقة على مشروع “قانون الكيف”.
ويعيش الفلاح المغربي في منطقة الريف على وقع انتظار ما ستطرحه “سلطات الرّباط” من قرارات لتطوير الزراعات المشروعة للقنب الهندي، مع تحسين دخل المزارعين وحمايتهم من شبكات التهريب الدولي للمخدرات، والحد من الانعكاسات السلبية التي يفرزها انتشار الزراعات غير المشروعة.
ومع النقاش الدائر حول “الكيف” انبثق خطاب “هوياتي” ضيق من قبل بعض النشطاء الذين يرفضون توسيع مجال الزراعة، فيما يذهب آخرون إلى قيادة حملات افتراضية للهجوم على بعض المناطق المنتمية إلى جبالة، التي لا يحق لها الاستفادة من زراعة القنب الهندي، بحسبهم.
وتستعد الدولة لفتح الطريق أمام تقنين زراعة “الكيف” في منطقة الشمال، بعد مصادقة الحكومة والبرلمان على مشروع القانون الذي سيحدد الاستعمالات المشروعة للنبتة، بينما يطالب نشطاء مغاربة بالعفو الشّامل عن مزارعي “الكيف” وحصر المناطق المعنية بالقانون الجديد، مع المساهمة في الحد من الفوارق الاجتماعية.
وتم حصر مناطق زراعة “الكيف” في خمسة أقاليم أساسية؛ وهي وزان، وتاونات، وشفشاون، والحسيمة وتطوان؛ بينما تطالب بعض الأقاليم المنتمية ترابيا إلى منطقة الشمال بضمها هي الأخرى ضمن الإستراتيجية الوطنية لزراعة “الكيف”، وهو الأمر الذي يرفضه نشطاء في منطقة الرّيف، لاعتبارات تاريخية واجتماعية.
عبد الله الجوط، الناشط المحلي في الشّاون، اعتبر أن “تسمية المناطق الأصلية تعني إقليمي الشاون والحسيمة، فهما الأصل، ولا تعني غيرهما، لأن انتشار رقعة ‘الكيف’ جعلها تكتسح أقاليم جديدة، وهي ليست الأصل”، وزاد: “كلمة الأصلية لا علاقة لها بالقبلية. ونحن نرفض العنصرية والقبلية ومختلف أشكال التمييز”.
كما قال الناشط الحقوقي في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية إنه نبه مرارا بشأن هذه التوصيفات، إذ يوظف “الكيف” من طرف البعض للدفاع عن ملفات ذات بعد جهوي أو إثني، معبّرا عن رفضه “استعمال تسميات ليس لها معنى دقيق جغرافيا أو إداريا”.
وأورد الجوط: “نحن نؤمن باختصاص المجال، وهناك مجال للكيف بحكم التضاريس وطبيعة التربة والمساحات الصغيرة والمياه”، وزاد موضحا: “سكان جبال الريف هم روافة؛ البعض يتكلم الأمازيغية وآخرون العربية، أو الاثنين، وعلينا احترام ثقافة الجميع…والمقاومة كانت أكثر شراسة في منطقة كتامة حيث لم تستسلم إلا سنوات بعد هزيمة المجاهد عبد الكريم الخطابي”.
وزاد الناشط ذاته أن “الفلاح البسيط سيستفيد من تقنين ‘الكيف’، لأنه الآن تحت رحمة النافذين الذين يشترون منه المحصول مقابل الطاعة وصناعة الخرائط الانتخابية، وهو دائما مهدد بالسجن وغير مستقر”، مردفا: “هذا المشروع هو بداية هيكلة الأمور على منطق مختلف لتحرير الفلاح البسيط”، ومشيرا إلى أنه “حسب الدراسة فالفلاح سيستفيد أكثر مع غياب الوساطة”.