كشفت جائحة فيروس كورونا عن عدد من الاختلالات في المنظومة الصحية الوطنية، وعن الهشاشة التي يعاني منها هذا القطاع، ما حدا بمجلس النواب إلى تشكيل لجنة موضوعاتية مكلفة بالمنظومة الصحية، تضم مختلف مكونات المجلس، برئاسة الحبيب المالي، أعدت تقريرا حول واقع الصحة بالمغرب إن على مستوى الوقوف على مكامن القوة وتثمينها، أو إبراز مكامن الخلل والقصور التي تعتري المنظومة الصحية.

ومن بين الخلاصات التي توصل إليها التقرير الذي أعدته اللجنة الموضوعاتية المذكورة، كون المنظومة الصحية بالمغرب ما زالت تعاني من إكراهات وإشكالات تتعلق بشكل أساسي بضعف البنيات التحتية وغياب العدالة المجالية في توزيعها، وكذا ضعف التجهيزات الضرورية لضمان جودة الخدمات الطبية وشبه الطبية.

وعلى الرغم من أن الحكومات المتعاقبة عملت على رفع ميزانية وزارة الصحة خلال السنوات الماضية، إلا أن هذا القطاع يعاني من إشكاليات كبيرة على مستوى نظام الحكامة والتمويل الصحي، خاصة النقص في الموارد المالية والبشرية الذي وصفه التقرير بـ”المهول” مقارنة مع توصيات منظمة الصحة العالمية.

وفيما يستعد المغرب لتعميم التغطية الصحية الإجبارية، في إطار منظومة الحماية الاجتماعية، توقف التقرير عند عدد من الاختلالات التي تعاني منها المنظومة الصحية على هذا المستوى، منها تعدد الهيئات المشرفة على التأمين الإجباري، وعدم التقائيتها، وتوظيف موارد التأمين الصحي بنسب ضعيفة لا تتعدى 8.11 مليار درهم، والتأخر في تعميم التغطية الصحية الشاملة.

ولتجاوز الإشكالات التي تعاني منها المنظومة الصحية على هذا المستوى، أوصى تقرير اللجنة الموضوعاتية التي شكلها مجلس النواب بتوحيد تدبير التغطية الصحية في قطب واحد للحد من التجزئة في تجميع الموارد، وتحسين القدرة على إعادة توزيع الأموال المدفوعة مسبقا.

علاقة بذلك، سجل التقرير أن سعر بعض الأدوية في المغرب مرتفع مقارنة مع بعض الدول الغنية مثل فرنسا وبريطانيا وإسبانيا، كما أن ولوج الدواء الجنيس إلى السوق الوطنية لا يتجاوز 30 في المئة، باستثناء الصفقات العمومية.

وبخصوص التمويل الصحي، وقف التقرير على أن ميزانية وزارة الصحة، وإن عرفت تطورا مهما خلال السنوات الأخيرة، إلا أنها لا تستجيب لحاجيات المواطنين والمهاجرين المستقرين في المغرب، على الرغم من تنزيل التغطية الصحية منذ سنة 2005، مقترحا العمل على الرفع من الموارد بطرق متنوعة ومتعددة، مع ترشيد النفقات بالاستثمار في الوقاية وتحسين نمط العيش لتفادي نفقات المرض، وكذلك الاستثمار في الرعاية الأولية للحد من تكاليف العلاجات الباهظة ومضاعفات الأمراض.

وبحسب المعطيات الرقمية الواردة في التقرير، فإن نفقات الصحة ارتفعت بنسبة 66 في المئة في ظرف 19 سنة الأخيرة، ما بين 1995 و2014، بمعدل سنوي في حدود 4.99، حيث بلغ الإنفاق الإجمالي للصحة 52 مليار درهم سنة 2015، بمعدل 1578 درهما لكل مواطن.

ويمثل الدفع المباشر من الأسر حوالي 51 في المئة من التمويل الإجمالي لنفقات الصحة بالمغرب، استنادا إلى المعطيات المتعلقة بسنة 2013، ويتوزع باقي التمويل على الموارد الضريبية، والتغطية الصحية، ومساهمات أرباب العمل، والتعاون الدولي، وموارد أخرى.

واعتبر التقرير أن الأداء المباشر للأسر ما يزال مرتفعا على الرغم من المنحى التنازلي الذي عرفه، بحيث انتقل من 57.3 في المئة سنة 2006 إلى 53.6 خلال سنة 2010، وإلى 50.7 سنة 2013، في حين لا يتجاوز التمويل الصحي المتأتي من التغطية الصحية 22.4 في المئة، والتمويل الضريبي 24.4 في المئة.

ورغم ارتفاع ميزانية وزارة الصحة من 10 مليارات درهم سنة 2010 إلى 19.774 مليار درهم سنة 2019، إلا أن الطلب على الخدمات الصحية كان أكبر من الموارد المتوفرة، بحيث ارتفع عدد المرتفقين بالمستشفيات من 6 ملايين مرتفق سنة 2008 إلى 10 ملايين و77 ألفا سنة 2016، “وهذا ما أدى إلى نقص مزمن في العلاجات وفي وسائل التشخيص وصيانة وتجديد المعدات والتجهيزات الطبية”، بحسب ما جاء في التقرير.

hespress.com