سيتقابل مدرب فرنسا ديديه ديشان ونظيره لألماني يواخيم لوف في الفصل الثامن من “رواية تدريبية” بين شخصين متحدين تحت مظلة الاستمرارية وسجل الإنجازات الكروية، وصداقة نادرة عززت أواصرها اعتداءات العام 2015، وذلك عندما تلتقي ألمانيا بفرنسا يوم الثلاثاء في مدينة ميونخ، ضمن نهائيات كأس أوروبا 2020 المؤجلة من العام الماضي بسبب فيروس كورونا المستجد “كوفيد-19”.
وستكون المباراة الافتتاحية للمجموعة السادسة الفرصة الأخيرة لعناق حار بين “دي دي” مدرب “الديوك” أبطال العالم 2018، و”جوغي” الذي قاد “مانشافت” إلى اللقب العالمي قبل أربعة أعوام في مونديال البرازيل 2014 ويتحضر للتخلي عن مهامه بعد 15 عاماً على دكة المدربين مع نهاية البطولة القارية.
وحيا ديشان في مارس الماضي قرار صديقه بالرحيل قائلاً: هو شخص أقدره كثيراً، وحصلت معه على فرصة لتبادل الحديث. احترمه كثيراً، كما احترم قراره.
وبين الرجلين، اللذين غالباً ما يلتقيان أثناء الندوات التي يقيمها الاتحاد الأوروبي لكرة القدم “بويفا” والاتحاد الدولي “فيفا”، تندمج الأحاسيس المتبادلة مع الكثير من الإخلاص.
ردّ لوف التحية لنظيره الفرنسي في سبتمبر 2018 عشية استقبال أبطال العالم في ميونخ ضمن منافسات مسابقة دوري الأمم الأوروبي، قائلاً: لطالما كانت تصرفاته تنم عن روح رياضية حتى أثناء الخسارة، إنه مثال يحتذى به وهو شخص جيد ومستقيم ويملك روح رياضية. أنا سعيد لرؤيته مجدداً.
ولم يتردّد ديشان بدوره في مدح لوف خلال لقاء جمعهما مع بعضهما البعض ونظمه الاتحادان المحليان قبل عام، إذ قال: على الصعيد الشخصي، هو شخص يسهل الوصول إليه ومتعاطف وقد أظهر دائماً تواضعاً، لقد وطدت المباراة الودية في 13 نوفمبر 2015 العلاقة بيننا”.
وبالفعل ارتبط المدربان بذكرى أليمة على هامش الاعتداءات الإرهابية في باريس في تلك الأمسية التي حدثت بالتزامن مع إقامة مباراة فرنسا وألمانيا على ملعب “ستاد دو فرانس” وأوقعت قتيلاً خارج الملعب.
وفي كتابه “الحياة بالأزرق”، يروي المسؤول الإعلامي للمنتخب الفرنسي حينها فيليب تورنون، الانتظار الطويل في أروقة ملعب “ستاد دو فرانس” حيث رفض ديشان مغادرة الملعب طالما لم يتم إيجاد الحلّ المناسب لأفراد المنتخب الألماني الراغبين بالعودة مباشرة إلى بلادهم.
ويتذكر تورنون متحدثا لوكالة “فرانس برس” ما حصل في تلك الأمسية المشؤومة قائلاً: نبرة ديدييه القاطعة: لن نناقش الأمر، هكذا هي الامور. طالما الألمان ليسوا بأمان، ولم يتم حلّ مشكلة الطائرة لن نرحل.
وانتهت تلك المأساة على خير، عقب نجاح المساعي في ترحيل المنتخب الالماني ليلاً، فيما عاد المنتخب الفرنسي إلى مقره التدريبي في كليرفونتين-أون-إيفيلين قرابة الساعة الرابعة فجراً.
وبعد ثمانية أشهر من الحادثة، تقاطعت دروب المدربين في نصف نهائي “يورو 2016” حين فاز أصحاب الأرض على رجال المدرب لوف بنتيجة 2-صفر وثأروا من الخسارة في ربع نهائي مونديال البرازيل 2014 بهدف يتيم امام الأبطال المتوجين لاحقاً.
ومن دون أن يُظهر أي مشاعر عدائية وجه لوف رسالة ودية إلى ديشان بعد هزيمة فرنسا المضيفة أمام البرتغال في نهائي البطولة القارية بنتيجة 1-صفر بعد تمديد الوقت، بحسب ما أفاد تورنون في كتابه.
وقال المسؤول الإعلامي السابق (من 1983 حتى 2004 وثم من 2010 حتى 2018) لـ”فرانس برس”: تلقى ديشان، بعد ثلاثة أو أربعة أيام، رسالة تعاطف من المدرب الذي لم يكن يواسيه، بل قال له إنه يفهم مرارته بعدما فشل على أرضه.
وختم قائلاً: لقد كان لطيفاً للغاية ومرحباً للغاية، وقد قدّر ديشان رسالة لوف كثيراً. أجابه بكلمات لطيفة عن مدى تأثره بهذه المبادرة.