الثلاثاء 28 أبريل 2020 – 18:10
عقدت محكمة الاستئناف بمدينة خريبكة، منذ الساعات الأولى من صباح اليوم، أولى جلسات الاستئناف (جنحي تلبسي) عبر التقاضي عن بُعد الذي اعتمدته محاكم المملكة بسبب انتشار فيروس كورونا، مع مواصلة البت في قضايا “الجنايات الاستئنافية” التي انطلقت أمس.
وجرت أطوار الجلسة بحضور هيئة الحكم، وممثل عن النيابة العامة، وكاتب الضبط، وعدد من المحامين؛ فيما تابع المعتقلون والمعتقلات على ذمة القضايا المطروحة أطوار المحاكمة بالصوت والصورة عبر برنامج معلوماتي للتواصل المباشر.
ولإنجاح المحاكمة عن بعد، تم تجهيز القاعة رقم 1 بمحكمة الاستئناف بمدينة خريبكة بجهاز حاسوب وشاشة للعرض مربوطين بشبكة الأنترنيت، من أجل ضمان التواصل المباشر بين المتواجدين داخل القاعة والمتابعين المعتقلين بسجنيْ خريبكة ووادي زم.
وحرص رئيس الجلسة، مع بداية كلّ قضية، على التأكد من هوية المتابعين في الملفات المعروضة للاستئناف، واستفسارهم حول مدى رغبتهم في مناقشة الملف عبر تقنية التقاضي عن بُعد، أو تأجيل البت في الملف إلى وقت لاحق، فلم يبد المعنيون بالموضوع أي اعتراض حول هذا الإجراء.
وتوزّعت القضايا المطروحة للاستئناف بين حيازة وترويج المخدرات، وممارسة العنف ضد القوات العمومية، والسكر العلني والعصيان، وإحداث الضوضاء وتخريب ممتلكات ذات منفعة عامة.
وفي ما يخص القضايا التي تهمّ مجموعة من الأشخاص أو يتابع فيها معتقلون وسجناء موزعون على أكثر من مؤسسة سجنية، نجح القائمون على تدبير الجلسات في ربط قاعة المحاكمة مع سجنيْ خريبكة ووادي زم بشكل مباشر.
وتمكن أطراف قضية تعلقت بالفساد والبغاء والتغرير بقاصر وهتك العرض الناتج عنه حمل من التواصل عن بعد والرد على الأسئلة الموجهة إليهم؛ فيما ترافع عدد من المحامين للدفاع عن موكّليهم، بما يضمن لهم الحق في محاكمة عادلة.
وعن التقاضي عن بُعد قال محمد قسيمي، النائب الأول لرئيس محكمة الاستئناف بخريبكة، إن “محكمة الاستئناف والمحاكم الابتدائية التابعة لها انخرطت، على غرار باقي محاكم المملكة، في هذه الآلية الجديدة في المحاكمة عن بعد من أجل تكريس حق المعتقلين في محاكمة في وقت معقول”.
وأضاف المتحدث ذاته أن “المحاكمة عن بعد بمحكمة الاستئناف بخريبكة توفّرت على جميع ضمانات المحاكمة العادلة، وهي تكريس للحقوق الدستورية التي ينص عليها القانون”، مضيفا أن “المحاكم في السابق، أي منذ بداية جائحة كورونا، لم تتوقف عن تدبير قضايا المعتقلين، والآن جاءت هذه الآلية لتكريس حق المعتقل في محاكمة في أجل معقول”.
وأوضح قسيمي في تصريح لهسبريس: “إذا ظهرت بعض النقائص مع بداية اعتماد التقاضي عن بعد فسنعمل، من خلال المسؤولين القضائيين ومساعدة الجميع، سواء كتابة الضبط أو المحامون أو إدارة السجون، على رفعها من أجل تكريس هذا النوع من المحاكمة الذي يصبو إلى خدمة المعتقل وضمان حقه الدستوري”.
أما إدريس حراش، محام بهيئة خريبكة، فأشار إلى أن “الطرق الجديدة المعتمدة على التواصل عن بُعد أصبحت ضرورة ملحة من أجل تفادي تفشي هذا الوباء بين السجناء والمعتقلين، وبالتالي فإن المحاكمة عن بُعد، في واقع الأمر، طريقة ممتازة، لكن لا يمكن اللجوء مباشرة إلى إصدار الحكم عليها مع تواجد مجموعة من النقائص التي يجب صدها، والثغرات التي يجب ملؤها”.
وأضاف المتحدث ذاته، في تصريح لهسبريس، أنه “من جهة أخرى يكون استدعاء الشهود في بعض القضايا ضروريا، وأحيانا يجب أن تعرض بعض الوثائق خلال الجلسة، كما هو الشأن بالنسبة للتوقيع في محاضر الضابطة القضائية، أو ما يرتبط بضرورة عرض محجوز، لكن المتهم، عبر التقاضي عن بعد، لا يمكنه إطلاقا أن يحدد العناصر في ذلك المحجوز”.